هل نجرأ نحن الصفاقسية على النظر إلى أنفسنا في المرآة ؟ سامي النيفر

هل نجرأ نحن الصفاقسية على النظر إلى أنفسنا في المرآة ؟ سامي النيفر

26 جانفي، 12:35
  • بألم كبير أخط هذه الكلمات التي أبغي بها قول كلمة حق كانت كالغصة في حلقي وتثبّتّ فيها كثيرا حتى تأكّدتُ من صحّتها… لطالما اشتهرنا نحن الصفاقسية بالعلم وحسن الخلق ومازالت سمعتنا تسبقنا لأنّنا نعمل برصيد السابقين ولكنّنا تغيّرنا كثيرا… واقعنا في هذه المدينة مرّ ولكنّنا وبعد أن ظُلمنا كثيرا من المركز أصبحنا نحن جزءا من المشكل أيضا فنأكل بعضنا بعضا… لماذا أصبحت القلوب كاسحة وغليظة ؟ هل مازالت العائلة وصلة الأرحام والمودّة بين الأزواج ومع الأبناء والإخوان والأخوات ؟ هل مازال “البرج” أو حتى منزل الجد العصري يجمعنا حتى مرة واحدة في السنة ؟
  • هل مازالت النساء  يحضرن العولة أو يقمن بشؤون المنزل أو على الأقل يطبخن ويعتنين بأبنائهنّ ؟ في وقت سابق كنّ يقمن بكل واجباتهنّ الأسرية رغم عملهنّ خارج البيت… هل يحسن الشباب تحمّل المسؤولية ؟ أمازال الأطفال يربّون في المنازل ويتعلمون القيم من الأهل ويحترمون الكبير ؟ وهل مازال الكبير يلاطفهم ويعلّمهم ويرأف بحالهم ؟ أمازال الجيران يتزاورون ويتبادلون ذواق الأكل في المناسبات ؟ بل أمازال جار يَسْلَمُ من جاره أو يلقي عليه التحية ؟ لماذا كثر العنف والفظاظة والغش في الشارع ؟ الصفاقسي كان قلبه كبيرا ولا يغشّ أبدا وكان التاجر يبحث عن البركة والسّمعة قبل كل شيء… 
  • الاحتكار والغلاء مشكلة في تونس كلها ولكنها تتفاقم في صفاقس حيث مسّتنا أزمة السّكّر والغاز والزّيت المدعّم أكثر من غيرنا… لماذا الأسعار مرتفعة في صفاقس أكثر من غيرها حتى من تونس العاصمة المكتظة أو من المدن السياحية ؟ في المدن الأخرى يفرحون بالضيف وربما تبيت في نزل مجانا أو بسعر رمزي بينما في صفاقس لن يسامحك بائع الفريكاساي مثلا حتى في 100 مي ! 
  • أليس هذا من أسباب انحباس الأمطار عندنا لأنها من جفاف قلوب الكثيرين منا ونحن لا نريد أن نتعظ بل لقد أصبحت القلوب لا تحسّ ولا تبالي بغيرها حتى لو رأت أحدا يُذبح في الشارع أمامها لن تتدخّل ولن تكترث… أمازال أحد يثق في أحد أو يكون صديقا صدوقا إلا ما ندر ؟ لماذا تراجع مردود النادي الصفاقسي ؟ لا شك ولا اختلاف أن جامعة الجريء ظلمتنا كثيرا ولكن رجال النادي تخلّوا عنه وبعض الجماهير توجّست من سوء تصرّفهم لهذا لا تتبرّع بالمال إلا قليلا… لماذا لا نثق في أبناء الجمعية ونجلب المدربين الأجانب ؟ وأين دعم رجال الأعمال للرياضة أو للجهة ؟
  • أمازلنا نحترم البيئة ونحافظ على المحيط ؟ أين المجتمع المدني والجمعيات البيئية ؟ هل يعجزهم القيام بحملة تشجير واسعة ونظافة للمدينة ؟ دعنا من هذا، لينظف كل منا أمام داره وليغرس 3 نباتات في محيط منزله حتى لو كان عمارة… ولكننا نبني منازل فخمة ونترك الحجارة والفضلات في الطريق العام… لماذا تراجعت الفلاحة ولم نعد نراهن عليها ؟ وأين إدارة الغابات ومندوبية الفلاحة والغيورون على المدينة ؟ لماذا لم نعد نبني مواجل واستسهلنا شراء الماء المعدني ؟ ماذا يعني لنا تلميذ ناجح ؟ هل ستنتفع البلاد مستقبلا بطبيب مادّي لا يراعي ضميره المهني أو لا يحترم قواعد المرور أو مهندس لا يحسن التخاطب مع الآخرين ؟ أعجز مهندسونا وجامعيّونا وعلماؤنا عن نفع المدينة بأفكارهم أم تنكّروا لها ونفعوا الآخرين أم اكتفوا بشرف الحصول على الشهادات وأعلى المعدّلات ؟ أعجزنا عن إيجاد حل للنفايات أم إن الحلول موجودة ولكن هناك من يعطّلها حتى تستمرّ الأزمة ؟ صفاقس هي أيضا من انتخبت حركة النهضة التي تسبّبت للجهة وللبلاد في خراب كبير…
  • لماذا تراجع الاهتمام بالشأن الثقافي إلا من بعض التظاهرات الشكلية في المسرح والفنون التشكيلية والموسيقى والعروض الفلكلورية مع تثميننا للجاد منها ولكنه قليل ؟ أنملك نحن الصفاقسية نفس إرادة وعزم أجدادنا لتغيير الواقع نحو الأفضل أم أن الفتور أصابنا أم أننا لم نعد نهتمّ إلا بالحياة العصرية وبأنفسنا فقط بعيدا عن مصير المجموعة وتاريخ الجهة وإشعاعها ؟ أمازلنا نشجع على المبادرات والعمل والأمل أم إننا نزرع اليأس والإحباط وهي عدوى أصابت حتى من يريد أن يتقدّم قليلا ؟ أين نقابتنا العريقة القوية ؟ أيهتمّ أبناء حشّاد بعامّة المواطنين أم بالمقرّبين منهم فقط ؟ لماذا ننبش القبور ولا نحترم الموتى ؟ لماذا لا يهتمّ شيوخنا بمشاكلنا الحقيقية ؟ من أدخل إلينا الأفارقة وكيف أصبحنا مدينة عبور لهم ؟ وكيف انتشرت بيننا الجرائم والمسكرات والمخدرات بطريقة غير مسبوقة ؟ لماذا كثر بيننا المنتهزون والظالمون واللامبالون ؟
  • انعدمت الأماكن العمومية الترفيهية باستثناء “التوتة” التي تشكو عديد النقائص وحلّت محلّها المقاهي والمطاعم والمنتزهات الفاخرة حتى البطاحي ذهبت وعوّضتها ملاعب مدفوعة الأجر… هل أصبحت صفاقس “مدرسة المشاغبين” لا يستقرّ أيّ وال فيها ولا يدعوه يعمل، هذا لمن كان مخلصا منهم ؟ مع الأسف، هناك من الصفاقسية من لا يحبّ جهته بل يخونها ويعرقل نموّها إما بلامبالاته وفتور عزيمته أو لأسباب سياسية أو اجتماعية لأن القلوب تيبّست وتحجّرت والمكاسب الشخصية تغلّبت على المصلحة العامّة… الحلّ بأيدينا لو عدنا إلى رشدنا ولن يكون إلا جماعيّا وبقلوب محبّة ومخلصة مع معاقبة الظالمين ولن يكون ذلك إلا بقضاء مستقل دون فاسدين.

مواضيع ذات صلة