تحركات الأمس بالعاصمة هل  أضحت تونس الخرطوم أو أم دُرمان السُودانيتان

تحركات الأمس بالعاصمة هل أضحت تونس الخرطوم أو أم دُرمان السُودانيتان

15 جانفي، 20:55

  لست أبدا ممن يسند المنع تحت أي ذريعة، او يقبل ان يتم وضع قيود مجحفة على حرية الرأي والتعبير أو التعدي عليهما.           

 وبمناسبة ذكرى  14 جانفي المجيدة كان بالامكان أن يفسح المجال يومها للتظاهر لمن رغب،  بما في ذلك اولائك الذين اعتدوا بفظاعة على هذا الحق في السابق: أذكر 9 افريل 2012  مثلا الذي عايشته)…       

وما حدث بالامس في شارع حبيب بورقيبة من ناحية وقوع بعض التضييق على حرية التظاهر غير مقبول مبدئيا. إذ في ذلك مس من حقوق انسانية ومن مبادىء دستورية.    وهذا لا يفيد -بالطبع- البلاد واستقرارها، ولا تستفيد منه (سياسيا) سوى تلك القوى المسؤولة (طيلة عشر سنوات) عن قائمة طويلة من الانتهاكات  لما كانت في السلطة.  لذا انقض هؤلاء على المناسبة يستغلونها،  ولبس رموزها  من جديد رداء المظلومية. وراحوا يتباكون (بمناسبة ما حدث بالأمس)  على تلك “الديمقراطية” المفقودة.   ولعل  التوصيفات التي اطلقوها عن وقائع 14 جانفي 2022  :  “عنف بوليسي مفرط”، “قمع”، “اعتداءات غاشمة” …..وغيرها من التعابير التحشيدية، وهي انكى وأشد من الماء او الغاز الذي اطلق  اليوم  على المتظاهرين، كافية وزيادة للاستدلال على  ان ذلك يدخل في باب سعيهم  لتحصيل بعض المكاسب السياسية وأظنها واهية، او استدرار  القليل من العطف كانوا فقدوه كليا.  ولكن ان ينساق البعض من العناصر الديمقراطية الى تبني هذا الخطاب دون ترو او تمحيص، وإلى الإسهال اللغوي في توصيف وقائع الامس، فهذا غريب منهم.       فهل ما حصل اليوم  من تعطيل للحق  في التظاهر هو فعلا قمع وعنف بوليسي مفرط  واستعمال  غير متناسب  للقوة….. وكأننا في اعتى الانظمة الاستبدادية؟                                         

     وهل تحولت العاصمة بالامس من تونس إلى الخرطوم  او ام درمان السودانيتان؟  ام ان الأمر يتعلق فقط  ببعض التجاوزات وبمنع  فيه استعمال  للقوة  الشرعية  في  حدود المعقول؟ اظن  ان الموضوعية تقتضي منهم ان  يكون حكمهم قائما على تقارير الرصد  والتوثيق واحصاء  الاضرار والضحايا (إن وجدوا). وذلك بالاعتماد على  الملاحظة  المباشرة  على الميدان وعلى النظرة الشاملة له،     وهذا بالطبع عمل مناط بعهدة الهيئات  الحقوقية الوطنية.  أما اولائك البكائين فعليهم – في إنتظار المحاسبة العادلة-  ان يكشفوا  عن خفايا انتهاكات خطيرة اقترفت في عهد حكمهم.                 

          فتحي الهمامي

حقوقي

مواضيع ذات صلة