سؤال ، مجرد سؤال … بقلم أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي

سؤال ، مجرد سؤال … بقلم أحمد الحباسى كاتب وناشط سياسي

30 سبتمبر، 21:45

ماذا سيحدث لو  قامت الدول الخليجية النفطية  بالوقوف إلى جانب بقية الدول العربية الفقيرة؟  هذا سؤال على غاية من البساطة و دعوة جدية للتفكير . سؤال آخر في نفس السياق :  هل يكفى حجم الاستثمار الخليجي في المنطقة العربية  و لماذا تتفاوت  نسبة  هذا الاستثمار بينها و بين حجم الاستثمارات الخليجية في إفريقيا أو في أوروبا ؟ .

بطبيعة الحال تفاوت حجم الاستثمارات ليس أمرا عفويا و لا فرضته ظروف معينة   بل هو نتاج لإرادة سياسية لدى دول الخليج  من ناحية و  خضوع مكشوف للإرادة الدولية لبعض البلدان النافذة في العالم و على رأسها طبعا الولايات المتحدة الأمريكية التي  تفرض  توجيه هذه الاستثمارات لخدمة المشاريع الاقتصادية الأمريكية مقابل الحماية الأمنية لأنظمة هذه الدول .

منذ فترة قصيرة أعلنت دولة الإمارات أنها وقعت مع الكيان الصهيوني اتفاقا لحماية الاستثمار و هذا الاتفاق سيعزز العلاقات الاقتصادية و يشجع المنافسة و يزيد جاذبية الاستثمارات بين البلدين. طبعا هذا الاتفاق لم يولد معزولا عن كثير من الاتفاقات المهمة الموقعة  بين كل الدول الخليجية و إسرائيل  منذ اتفاقية كامب ديفيد المشئومة  .

في هذا السياق يؤكد المطلعون على نصوص هذه الاتفاقات أنها تضمنت بنودا تفاضلية لفائدة العدو الإسرائيلي  لا يمكن أن نجد مثيلا لها في الاتفاقات الموقعة مع الدول العربية مما يطرح أكثر من علامة تعجب و سؤال  خاصة و أن الدول العربية مرتبطة فيما بينها  حسبما هو معلوم بميثاق الجامعة العربية الذي تفرض بعض بنوده تشجيع الاستثمار في الدول العربية و إعطاءه الأولوية و التفضيل .

حين تبلغ الاستثمارات الخليجية في تركيا  وحدها ما يزيد عن 40 %  و الاستثمارات القطرية في بريطانيا ما يزيد عن 70 مليار دولار و 40 مليار دولار في ألمانيا و35 مليار دولار في آسيا في حين يصل حجم التبادل التجاري بين أمريكا و السعودية مثلا أكثر من 60 مليار دولار فالواضح أن هذه الأرقام الخيالية  ناطقة و زيادة  بوجود اختلال رهيب  بين  أرقام الاستثمار المخصصة لمجمل الدول العربية  و الأرقام الخيالية  المخصصة  لبقية الدول الأجنبية الأخرى

 و هذه الحقيقة  المخجلة  تعطى الدليل أن الدول الخليجية لا  تعتبر استثمارها في بقية الدول العربية توجها استراتيجيا  قوميا يخدم الأمن القومي العربي و يساعد على  محاصرة التمدد الإسرائيلي في المنطقة  و لذلك يمكن ربط هذا التوجه بما نلاحظه من هرولتها للتطبيع مع إسرائيل بما يعطى الانطباع العام  بأن  مقررات كل القمم العربية  قد أصبحت مجرد أوهام و مسكنات.

لقد أثبتت الحرب  الروسية في أوكرانيا  و ما نتج عنها من ارتفاع في أسعار النفط  أن الدول الخليجية لم تراع في علاقتها ببقية الدول العربية  الفقيرة  هذا المعطى و مدى تأثيره على الوضع الاقتصادي في هذه البلدان و من بينها تونس بالخصوص كما لم تسع لمساعدة بلادنا بتزويدنا بأسعار تفاضلية و هذا  القرار الخليجي يأتي في نفس السياق الذي جعل هذه الدول  تحجم عن مساعدة تونس ماليا و استثماريا كنوع من العقاب على ما حصل من ثورة شعبية لا تنظر لها هذه الدول بعين الرضا .

في هذا السياق لعله من المهم الإشارة استنادا إلى بيانات الخزانة الأمريكية لهذه السنة و التي تشير أن السعودية  تستحوذ على حصة 45،2 %  من إجمالي الاستثمارات العربية و هو دليل   معبّر آخر  على أن شعارات الوحدة العربية و المصير العربي المشترك إلى غير ذلك  ستبقى مجرد شعارات مثيرة للسخرية .

مواضيع ذات صلة