طارق القيزاني : “شذرات من وجع الذاكرة” بقلم مصدّق الشريف

طارق القيزاني : “شذرات من وجع الذاكرة” بقلم مصدّق الشريف

28 مارس، 14:31

يايا “أم النهايات” يايا شذرات من وجع الذاكرة ، ذاك هو المؤلف لصاحبه طارق القيزاني. أصيل الدهماني من ولاية الكاف أستاذ تعليم ثانوي حاصل على شهادة الماجستار والدكتوراه في التاريخ المعاصر. متخرج من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس. جاء الكتاب في مائة ثمان وثلاثين صفحة من الحجم المتوسط. يحتوي على أحد عشر فصلا. دار أمل للنشر والتوزيع- الناشر – تصميم الغلاف دار الأمل للنشر والتوزيع.
الطبعة الأولى 2023- المطبعة المغاربية لطباعة وإشهار الكتاب.
في قراءتنا الأولى لإصدار صديقي الأستاذ طارق القيزاني تضافرت أمامي جملة من النصوص الإبداعية سواء منها الحديثة أو الضاربة في تاريخ أعماق المدونة العربية، وما احتوته من قصائد ونثر هي بحق كانت ولا تزال قطوفا دانية وألقها الذي حظيت به انتشر بين القراء إلى اليوم وهو أكبر شاهد على صدق مشاعر أصحابها وأحاسيسهم.
وعلى سبيل المثال لا الحصر الخنساء:
يُذَكِّرُني طُلوعُ الشَمسِ صَخراً وَأَذكُرُهُ لِكُلِّ غُروبِ شَمسِ
وَلَولا كَثرَةُ الباكينَ حَولي عَلى إِخوانِهِم لَقَتَلتُ نَفسي

المهلهل :
أهاج قذاء عيني الأذكار هدوء فالدموع لها إنهمار
وصار الليل مشتملا علينا كأن الليل ليس له نهار
دعوتك يا كليب فلم تجبني وكيف يجيب البلد القفار

الحصري في رثائه لابنه عبد الغني:
وَما ليَ إِلّا الهَمّ بَعدَكَ هِمَّةً أَلَستُ غَريباً لا رَبيعَ وَلا ربعا

الشابي قصيدة الموت :
يا مَوْتُ قدْ مزَّقْتَ صَدْري وقَصَمْت بالأَرزاءَ ظَهْرِي

لقد توقفنا عند هذه الأبيات الحزينة المؤلمة لما فيها من تقاطع بلغ مداه بينها وبين حالة القيزاني لما كانت والدته تحتضر وحين زلزل قلبه وخارت قواه لما جاءه نعيها وما كابده من أرق ينفطر له قلبه منذ واراها التراب.
لقد تمكن المؤلف أن يجعل قراء باكورته الأولى يتعاطفون معه ويتقاسمون ما ألم به من شجن ووجع مبرح في فقدان أمه بفضل ما جاش به فكان يبكي بكاء طفل فارق أمه ما حيلة المحزون غير بكاء بعد أن طرد الكرى وأقام يشكو لياليه. لياليه التي طال فيها عناؤه وسهاده.
لقد ترجم الكتاب ما ألم بالأستاذ طارق من وجع في لغة أنيقة عفوية سلسة يكسوها الأسى والحزن الدفين من ألفها إلى يائها. وقد كانت ممزوجة بما يشعر به ويكابده من آلام تجاه ما يعيشه شعبه وما يعانيه بسبب حكامه الذين ازدروا مصالحه وحقوقه.
وعلى العموم فإننا على يقين أن مؤلفنا سيخرج علينا ذات يوم بعمل روائي يصور فيه بعض ما عاشه مكانا وزمانا في مختلف ردهات عمره إلى اليوم.

مصدق الشريف

مواضيع ذات صلة