هل تصبح التنس ثاني رياضة شعبية في العالم؟

هل تصبح التنس ثاني رياضة شعبية في العالم؟

28 سبتمبر، 18:30

الكل متّفق على غرامنا بكرة القدم الساحرة المستديرة وعلى أنها الرياضة الشعبية الأولى في العالم.. في المقابل ليس هناك اتفاق على اللعبة الشعبية الثانية ولكنّ الثابت أن التنس هي من بين أكثر 5 رياضات متابعة في العالم بوجود أكثر من مليار مشاهد.. وهناك من يصنّفها في المرتبة الثالثة بعد كرة القدم وكرة السلة لأن الهوكي والكريكيت تجد زخمها في مناطق دون أخرى وليس لها نفس الانتشار في كل أرجاء المعمورة..

نقول هذا ونحن نعلم حجم النّقلة النوعية التي أحدثها فيدرر ونادال ودجوكوفيتش وسيرينا ويليامس وغيرهم من العمالقة ونعلم أكثر التأثير الجيّد في الجمهور لابنتنا المتألّقة أنس جابر إذ بفضلها تزايد الشغف بهذه اللعبة الجميلة التي كذبوا عليها واتهموها بأنها رياضة الملوك والأمراء.. الواقع أنّ التّنس يمكن أن تساهم في حلّ مشكل شغب الجمهور في الملاعب لأنها رياضة ممتعة وتمتاز بالهدوء والاحترام سواء بين اللاعبين أنفسهم أو المسيّرين أو الجمهور الذي يخضع لضوابط دقيقة داخل الملعب فيجب أن يظلّ هادئا وجالسا أثناء التبادلات ولا يشتم ولا يخرّب المنشآت رغم أنه يشجّع ويستمتع ويهتف ويغنّي ولكن في أوقات معيّنة وبالجملة فهو يخضع لنواميس دقيقة فيها من الانضباط والرصانة الشيء الكثير عكس كرة القدم حيث يكثر الهرج والصّخب والسّبّ والتخريب وتنقص الروح الرياضية..

فغرام الجمهور التونسي بالتّنس قد يهذّب سلوكه ويصفّي روحه من بعض ما علق فيها في سنوات الهيجان والتعصب.. التّنس تساعد أيضا على التركيز وتعلّم اللاعب والجمهور الصبر ومسك الأعصاب من خلال مباريات ممتدّة في الوقت تحتاج نفسا طويلا وحسن تصرّف مع كثرة التقلبات والتركيز على الاستراتيجيات والضربات وتغيير الخطط وعدم اليأس والأمل في العودة في المباراة وقلب الموازين والتحكم في المشاعر والضغوطات.. هي إذًا رياضة تحتاج جهدا عصبيا وفيزيائيا كبيرا فاللياقة البدنية والعضلات وخفة التحركات يجب أن تكون حاضرة.

وفي الحقيقة فميادين التنس حاضرة منذ زمن في دور الشباب والنوادي الخاصة والعامة والنزل في كل المدن والولايات والناس تعشق ممارسة هذه الرياضة حتى سن متقدمة مقارنة بكرة القدم فلها فوائد نفسية وبدنية عظيمة كما أنّ متابعتها تعلّم عديد الخصال كالتي ذكرناها آنفا ولعلّ تألّق بطلتنا أنس جابر سيساهم في مزيد تدعيم شعبية هذه الرياضة الجميلة والراقية والعريقة والممتعة ولعلنا سنشاهد ذلك أكثر في دورة المنستير التي ستجري من 3 إلى 9 أكتوبر القادم وهي دورة كبيرة من فئة 250 نقطة.

وميزة هذه الرياضة أنها تمارس من الرجال والنساء على حد سواء فلا فرق بين الجنسين حتى في الجوائز والمتابعة عكس كرة كرة القدم أو غيرها من الألعاب.. صحيح أنّ طول المباريات وعدم معرفة وقت انطلاقها أو ختامها قد يقلق نسبيّا ولكن ذلك ما يصنع حلاوة اللعبة أيضا وهذا المشكل مطروح خاصة في الغراند شلام حيث تمتدّ المقابلات إلى زهاء 6 ساعات تقريبا كما حصل في نهائي أستراليا 2012 وهناك لقاء بين إيسنر وماهو في ويمبلدون 2010 امتدّ 11 ساعة ولكن القوانين تبدّلت بعدها وأصبحت أكثر ليونة.. أمّا غلاء التجهيزات والمعدّات فهو استثمار يمكن أن يكون بين القطاع الخاص والعامّ وسيدرّ أضعافا مضاعفة من المرابيح لاحقا.

. عديد الأولياء أصبحت تشجّع صغارها على ممارسة هذه اللعبة النبيلة الرائعة وعديد الناس أصبحت تتابعها وتفضّلها على كرة القدم مع بروز أنس جابر وبدرجة أقل مالك الجزيري وسليمة صفر التي تتألّق في التعليق والتحليل على قنوات بين سبورت تماما كما يتألّق عديد الإعلاميين على غرار أمين الغيساسي وكريم العلمي وعادل الشّطّي وإيّاد العكّاري رغم طول ساعات البث وهم أفضل مستوى من معلّقي كرة القدم المهرّجين والمتعصّبين والجاهلين أحيانا.. والقنوات الرياضية المتخصصة العربية والعالمية ومنها البين سبورت تعتمد كثيرا على رياضة التنس التي تأتي في المرتبة الثانية من حيث التغطية بعد كرة القدم..

وبعد هذا كله وقبله فقد جمعتنا أنس جابر وشرّفت الراية الوطنية في رياضة صعبة وقوية تحتاج إلى الدعم المالي والمعنوي وإلى إمكانات بدنية وذهنية كبيرة وساهمت في الترويج للسياحة ولصورة تونس الناصعة التي أفسدها الآخرون نسبيّا وقد تصبح أحسن الرياضيين التونسيين على الإطلاق لو فازت بغراند شلام أو وصلت المرتبة الأولى عالميا رغم احترامنا الكبير للقمّودي والملّولي والعقربي وذياب وغيرهم من الأبطال..

وتطمح سفيرة السعادة أن تلهم الشباب والناس بصفة عامة ليحقّقوا أهدافهم في الحياة وأنّ المستحيل ليس تونسيّا كما تطمح لإنشاء أكاديمية خاصة بها حتى تساعد الشباب على البروز والتألق وذلك ليس بالعزيز -والكلام لأنس- طالما توفّر الإيمان بالنفس والمثابرة وطول النّفس والصّبر من أجل بلوغ الأهداف وتحقيق الأحلام.. من أجل هذا وغيره، نظنّ أنّ التّنس ستكون ثاني رياضة شعبية في تونس وفي العالم إن لم تكن كذلك من الآن.

سامي النيفر       

مواضيع ذات صلة