رجاء لا تركزوا على الفقه في المحاضرات

رجاء لا تركزوا على الفقه في المحاضرات

26 مارس، 13:33

دين الإسلام روحاني وأخلاقي بامتياز وفي ذلك يقول الرسول محمّد صلّى الله عليه وعلى كل الأنبياء وسلّم : “إنّما بُعِثْتُ لأتمّم صالح الأخلاق” (البخاري) و”خياركم أحاسنكم أخلاقا” (الترمذي)… ولكن الشيوخ والفقهاء الذين تبعهم عامّة النّاس أصبحوا يركّزون على الجانب الظاهري وينسون لبّ الموضوع والمقاصد النبيلة للطقوس والعبادات التي أصبحت شكلية وتأدية واجب… مللنا من الحديث عن نواقض الوضوء ومبطلات الصيام وما دخل الحلق وقطر العينين وشمّ رائحة وتذوّق الطعام والسفر الذي يمكن أن نصوم فيه… يوشك البعض أن يترك الصيام بسبب وسوسة مَرَضِيّة كل يوم في مضمضة أو غيرها وذلك بسبب تضييق المتعصّبين…

قد نتكلم فيها يوما أو يومين ولكن أن تكون كلها مبلغ اهتمامنا فهذا مقت وظلم للناس التي تتعذّب وتحترق وتبحث عن حياة أجمل… الشباب والنساء والأطفال وحتى الشيوخ يريدون أن تكون لديهم عائلة سعيدة ومجتمع متخلّق متكافل نقيّ.. يريدون تاجرا لا يغشّ وصغيرا يوقّر الكبير وكبيرا يعطف على الصغير… يريدون شوارع نظيفة وفضاءات ترفيهية وإصلاح التعليم والصحة والنقل والفلاحة.. يريدون حياة متوازنة وسلاما روحيّا داخليّا وخارجيّا… فهل سيحدث ذلك إن صرخ في وجههم جاهل لأنهم غسلوا الرجل اليسرى قبل اليمنى إذ قال لطفل صغير بغلظة الظالمين : “صلاتكَ باطلة”.. من أراد أن يسأل فله الكتب والانترنت وله أن يسأل شخصا ثقة أما أن تصبح كل المواضيع حول الوضوء والتيمم والغسل وماذا قال كل مذهب ثم يتحايل الناس على الله -وهو الأعلم بسرائرهم- ويختارون حلا يظهرون فيه أنّ صيامهم صحيح أو لديهم عذر للفطر فهذا لا يستقيم… والحال أن الصيام الحقيقي يكون للجوارح عن الآثام، وقد عبّر عنه الحديث الشريف : “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه” (البخاري).. وما أحلى ذلك الحديث الذي يلخّص صدق الإنسان بعيدا عن تمايله مع الفتاوى كما يفعل بعض السادة المحامين في قضاياهم : “اسْتَفْتِ قلبكَ واسْتَفْتِ نفسك. البرّ ما اطمأنّت إليه النّفس والإثم ما حَاكَ في النّفس وتردّد في الصّدر وإن أفتاكَ النّاس وأَفْتَوْكَ” (أحمد)

رجاء اهتمّوا بالشباب المختنق واقتربوا من النساء المظلومات والرجال الكادحين والأطفال الضائعين وكونوا روحانيين وعمليّين واتركوا تفاصيل التفاصيل… نريد مجتمعا سعيدا ونقيّ السريرة وليغسلوا قلوبهم قبل أن يغسلوا رجلهم اليمنى أو اليسرى أو يدلكوها وقبل أن يصلّوا ويسلّموا على اليمين فقط أو من الجهتين وقبل أن يقرؤوا بقالون أو حفص أو ورش ويال الأسى ! ليت الرحمة والأخلاق الحسنة وحسن التعامل مع الآخرين واحترام القيم والحقوق والواجبات تعمّنا بعيدا عن القشور والمظاهر.
سامي النيفر

مواضيع ذات صلة