مجرد رأي مُسلسل فلّوجة  والفوضى الخلاقة  والدمار الأخلاقي… المنجي عطيّة الله

مجرد رأي مُسلسل فلّوجة والفوضى الخلاقة والدمار الأخلاقي… المنجي عطيّة الله

30 مارس، 20:45

مسلسل الفلوجة الذي يعرض على قناة الحوار التونسي ، أثار كما تعلمون الكثير من الجدل بين رافض بل مستنكر لهذا العمل بدعوى أنه مفسد للتلاميذ ، و شاكر لصاحبته على تناولها لموضوع المدرسة التونسية في جانبها التربوي و ما يدور في أروقتها و خاصة في محيطها من أحداث تتعلق بسلوكيات عدد من التلاميذ بتدخل من خارج المؤسسة من بعض المنحرفين الذين ينقلون جرائمهم و سمومهم إلى أبنائنا و هناك أيضا من لهم رأي حاسم لا يقبل النقاش و هم الفنانون الذين يرفضون صنصرة و مصادرة الأعمال الفنية مهما كانت مواضيعها و طريقة معالجتها..
طبعا نحترم كل الآراء رغم أننا نتبنى مبدأ حرية التعبير في المطلق بكل آلياتها و لكن نحترز من التعبيرات التي تمس بجوهر ثقافتنا الأخلاقية الإسلامية و هذا لا ينطبق على موضوع الحال بٱعتباره ينقل صورة نعيشها في مجتمعنا .
الحقيقة أردت العودة إلى العمل التلفزيوني “فلوجة ” بعد أن فاجأني خبر من العراق يتحدث عن أستياء أهالي و أعيان مدينة الفلوجة العراقية من عنونة المسلسل بٱسم مدينتهم .
أهالي الفلوجة استنكروا ٱنتقاء إسم مدينتهم المناضلة كعنوان لعمل فني يصور أحداثا إجرامية لشباب تونسي مراهق و طالبوا بإيقافه .
صراحة فوجئت لهذا ألموقف لأنني كنت أتصور أن أشقاءنا العراقيين و خاصة أعيانهم ، معروفون بحذقهم للغة الضاد . كيف لا وهم أحفاد أشهر علماء اللغة في النحو و الصرف و التفسير في العالم العربي على غرار :

  • الخليل بن أحمد (718 – 786ّ و)
  • سيبويه و اسمه الأصلي عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي ( القرن الثامن ميلادي )
  • أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكرياء ( عاش في القرن العاشر و بداية القرن الحادي عشر ميلادي)
  • عميد علماء اللغة المعاصرين : إبراهيم السامرائي (1923 – 2002) .
    دعنا بداية نعرف بالفلوجة للجيل الذي لم يواكب الحرب الأمريكية وأذيالها على العراق .
    الفلوجة مدينة في محافظة الأنبار تبعد 60 كلم شمال غرب العاصمة العراقية بغداد .
    هذه المدينة عرفت صمود أهلها دفاعا عن الأرض أمام ترسانة آليات الغزاة الأرضية و الجوية التي تسببت في دمارها و خرابها و خلدها التاريخ كعنوان للمقاومة .
    للأسف من ذلك اليوم أصبحت كلمة ” الفلوجة ” في بلدنا تستعمل في غير سياقها التاريخي . “الفلوجة ” أصبحنا نطلقها بكل أسى على كل منطقة مهمشة ، تغلب عليها مشاهد الفقر و البؤس أو ننعت بها مكانا يعتبر بؤرة للمشاكل و المعارك بين المنحرفين و ” الباندية “
    السؤال الجوهري ، ماذا تعني صاحبة العمل التلفزيوني سوسن الجمني من تسمية مسلسلها “فلوجة” ّ؟!
    إذا كانت تقصد به الفوضى الخلاقة و الدمار الأخلاقي الذي بدأ يؤثث سلوكات شق من شبابنا التلاميذ فأنا بصراحة لا أوافقها جملة و تفصيلا و كان عليها إختيار عنوان آخر و مجال لغتنا العربية يتسع لعديد الخيارات تجنبا للإساءة إلى الغير و ٱتقاء للتأويلات لأن العمل الفني في تقديري لا يستدعي النظر إلى الأشياء من زاوية عامة الشعب بل إلى من منظار العاقل الذي يغوص في تناول الأحداث و الوقائع بخلفية المصلح و ترجمة ذلك في السيناريو و العنوان حتى لا يسقط في الإبتذال من المنطلق .
    أما إذا اختارت عنوان المسلسل “فلوجة ” (هكذا دون تعريف الإسم ) و ما تعنيه الكلمة في معاجم اللغة العربية ، بالأرض المصلحة (بضم الميم و فتح اللام) للزراعة ، فأنا أول من يشكرها بل أول من يهنؤها بهذا الإختيار الذي ينم عن ذكاء متوقد و فطنة إلى حد الدهاء في صناعة ” الصدمة اللغوية ” التي خلقت “ّالبووز” بمعنى أن أحداث المسلسل حقيقة في جانبها الإجتماعي و لكنها قابلة للإصلاح من الدوائر المسؤولة لتهيئة الأرضية و تغيير المناهج حتى نتمكن من حصد كل ما نزرع .
    إلى أهالي مدينة ” الفلوجة” هل أنتم لستم على دراية بمعنى تسمية مدينتهم ؟! عودوا إلى معاجم اللغة العربية ثم ٱعتذروا ،،،

مواضيع ذات صلة